يضحكني موقف يتكرر أمامي بكثرة هذه الفترة وتعدى الواقع إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنرى وفرة من المنشورات التي تتضمن تصميما لأحدهم يطلب رأي زملائه المصممين.
هنا تنقسم الرواية لمشهدين في الأول منهما مصمم مغرور ظن نفسه المصمم العملاق الذي لا يمكن لأحدهم انتقاد تصميمه لا من الناحية الفنية ولا التقنية ..إلخ فعند أول انتقاد لأحدهم تراه يتهمهم بقلة المعرفة وعدم فهم الفكرة التي أرادها وربما يبدأ هجوما بأن يقول للناقد :من انت ؟أرني أعمالك ؟عذرا زميلي ,عذرا زميلتي في عالم التصميم ولكن التصاميم لا تحتاج لناقد دكتور ولا لناقد مهندس بل إنه بالغالب عمل فني قد يعجب الكثير ويراه آخرون عملا عاديا أما الأمور التقنية فقد يكشفها مصمم مبتدئ درس القواعد جيدا .لذلك عزيزي المبتدئ في التصميم عليك قبل تعلم قواعد الجرافيك أن تتعلم رحابة الصدر والروح الرياضية فبكل نقد بناء ستعلو لتصل إلى مستوى الاحتراف والإبداع.
والمشهد الثاني هو الأكثر استفزازا …تصميم لأحدهم ينوه أنه مبتدئ ويصر على سماع النقد بغية تحسين مستواه بكل رحابة صدر فيخرج جهابذة التصميم بانتقادات أبعد ما تكون عن مفهوم الانتقاد بل أقرب للتجريح بأسلوب فظ بغض النظر عن مضمون النقد ومدى مصداقيته. وهنا يستحضر في ذهني قول الله العزيز في القرآن الكريم:
” وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ “
مهما كان مستوى العمل وأدائه ومهما كانت رداءة التصميم وألوانه غير المتناسقة وتعددية الخطوط التي استعملها المصمم مع هذا كله أيها الناقد الجهبذ هو حصيلة تعب مضاعف لشخص مثابر حاول جاهدا أن ينفذ لوحة مميزة وهذا جهد محمود .فكلنا بدأنا بتصاميم أكثر ما نذكره عنها أنها كانت “كوكتيل “من الألوان ومهرجان للخطوط ونخجل اليوم من عرضها أمام الآخرين ومع التدريب والممارسة والنقد البناء قد يصل لمستوى أفضل… نعم النقد البناء أي أن تعطي نصيحتك وإرشاداتك أن تساعد المصمم المبتدئ بتوجيهات مناسبة بأسلوب طيب ومهذب لتصل إلى المبتدئ ويتقبلها بروح مرحة فيحاول تنفيذ وتعديل أفكاره وتصاميمه ليحسن من نفسه بدل أن يكره التصميم والعمل ويكرهك أنت نفسك، طبعا هذا إن كانت نيتك من النقد صادقة وبمقصد النصح لا التجريح والمساعدة لا الغطرسة. أما عزيزي الناقد إن كانت نيتك فقط إظهار مواطن الضعف والتجريح تظهر ذلك الأستاذ والمصمم الجهبذ فليباركك الله أن تقول خيرا أو تصمت.
كتابة وإعداد: أمل حيدر