على مر العقدين الماضيين، تم تطوير والاهتمام بتصميم تجربة المستخدم والتصميم الموجه للمستخدم في العديد من الجامعات والدراسات.
في أوائل عام 1988 أجتمعت مجموعة صغيرة من المحترفين في مجال صناعة التكنولوجيا لمناقشة موضوع تصميم المستخدم،حيث كانت هذه التجمعات غير رسمية لكنهم كانوا يجتمعون بداعي شغقهم المشترك لتحسين نوعية التكنولجيا والتصميمات المقدمة للمستخدمين. في نهاية المطاف، وبناء على طلب المشاركين، تم الأعلان عن هذه الإجتماعات كإجتماعات رسمية بصورة سلسلة حلقات دراسية.
على الرغم من أن مصطلح تجربة المستخدم لم يكن موجودا حتى هذه اللحظة، لكن الحاجة لوجود هذا النوع من التوجه والتصميم كان واضحا، واهمية تواجده بشكل رسمي.
قام المصممون سريعا بتبني نظرة شمولية للوضع بما في ذلك دراسة للسلوك البشري، والتصميم، وأساليب البحث، والإدارة، والإختبار. وهكذا بدأت رحلة طويلة من الاستكشافات والتجارب للمساهمة في بناء قواعد وأسس مستقبلية لتجربة المستخدم التي نعرفها اليوم.
تغير الكثير على مر السنين، لكن ظلت المبادئ الأساسية لتصميم مركزها الثابت تجربة المستخدم كما هي:
- يبدأ و ينتهي التصميم الموجه للمستخدم بدراسة عميقة وشاملة للسلوك البشري ذو الصلة بتصميم المنتجات و الخبرات.
- إذا لم يقدم المصمم قيمة لعمله، لا يكن لدى الاخرين فرصة لخدمة المستخدم.
- تقدم الأستراتيجيات واساليب البحث التي يقوم عليها التصميم الموجه للمستخدم مساهمات قيمة لتطبيقات أوسع نطاقا في مجالات مثل الخدمة المالية والرعاية الصحية والمكتبات والمتاحف، أو اي مكان اخر يصمم فيه منتج أو خدمة أعدة كي يستخدمها الناس بشكل عام.
تطورت التكنولجيا بشكل كبير على مر السنين، ولكن التركيز على احتياجات المستخدمين ومؤشرات الأعمال قد قامت بتوجيهنا بنجاح على الرغم من التحولات المتكررة في الصناعة في كثير من الاحيان وكل هذا جاء في نطاق 4 موجات متميزة، كل موجة بنيت على الجوانب الماضية مع التطلع إلى الأمام دائما في هذا المجال باستمرار.
الموجة الأولي – الدعم الخارجي:
تتميز الأيام الأولى من رحلة الأحترافية بالتركيز على الدعم الخارجي: التوثيق ، والتدريب، وخدمة العملاء. ويمكننا أن نرى هذه البدايات المتواضعة في بدايات العقد الثامن من القرن الماضي كالموجة الأولى من تطور التصميم الموجه للمستخدم، كما أنه من السهل أن ننظر إلى الوراء ونرى هذه الجهود المبكرة بشكل بسيط و غير فعال. ومع ذلك، كانت هذه الطرق مناسبة تماما في وقتها لأن التركيز الفوري للصناعة كان على صواب في حل الجوانب التقنية لتصميم المنتجات.
و خلال هذه الموجة ، قمنا بالحصول على معلومات قيمة حول سلوكيات المستخدمين واحتياجاتهم و تصميم المنتجات واستخدامها .
على الرغم من أننا تناولنا احتياجات المستخدمين كجانب خارجي للمنتج، فقد تم وضع الأساس في نهاية المطاف من دعم المستخدمين في تصميم المنتجات.
الموجة الثانية – قابلة للإستخدام ، ومفيدة:
بعد سنوات من تكريس الجهود للدعم الخارجي ، انتقلت الدعوة إلى مستوي أعمق في تصميم المنتجات ، أولا من خلال الأختبار ، ثم من خلال أبحاث المستخدم وأخيرا من خلال التصميم الفعلي .
هذا التحول يوازي تغيرا ملحوظا في السوق : التركيز على التكنولوجيا وحدها لم يعد كافيا للتمييز بين المنتجات ، وقد طالب المستخدمون ألا تكون التكنولوجيا قوية ومستقرة فحسب ، بل مفيدة و قابلة للأستخدام أيضا .
و قد كان التركيز في الموجة الثانية على تعريف سهولة الاستخدام التي تشمل سهولة التعلم ، وسهولة الأستخدام ، ونقل التعلم ، وتجزئة المستخدمين . و رأي المختصون أن التكنولوجيا ليست غاية ، بل هي أداة تمكينية تدعم تحقيق الأهداف للمستخدمين وتخدم الاحتياجات البشرية الحقيقة .
بدأت هذه الموجة ببطء ولكن رأينا تحول السوق و افضل مثال على ذلك هو شركة ابل .
الموجة الثالثة – خبرات المستخدم:
كانت الموجة الثالثة دفعة ثابته نحو ما نسميه الان التصميم الموجه للمستخدم او تصميم تجربة المستخدم. أتسمت هذه الموجة بتحول اخر في توقعات المستخدمين نتيجة ظهور تكنولوجيات جديدة مثل الشبكة العالمية وتكنولوجيا الهواتف النقالة، في سوق تنافسي بشكل متزايد تم تعديل الاستراتيجيات و اساليب الاستجابة للطلبات المتزايدة للسوق، مما أدى الى تغيير فهم المختصين للمستخدمين. قد تميزت تجربة المستخدم بفهم أعمق تدريجيا تحول مصلحة أمكانية الوصول الى الاذواق والمتطلبات الثقافية المختلفة.
كما وقام المختصون ايضا بدمج تجربة المستخدم في استراتيجية الأعمال و التنمية. اصبحت تجربة المستخدم جزءا من العلامة التجارية للمنتج في الاسواق الاكثر تنافسية و تم تنظيمها بعناية اكبر عبر كل نقطة اتصال مع المستخدم. نظرا لأن المستخدمين الان يدفعون ثمن ما استخدموه، فقد أنقلب نموذج التسعير التقليدي رأسا على عقب، وأصبح المستخدمون أقل تسامحها اذا لم يحصلوا على ما يريدون أو عندما لا تحدث الامور بطريقة سلسة وصحيحة.
لقد شهدنا ايضا تطورات وتغييرات في التصميم حيث كان لها تأثير عميق بنفس القدر، والتي تشمل:
- تصميم متعدد الوسائط
- شبكات التواصل الأجتماعي
- الالعاب
الموجة الرابعة : الترابط بين التصميم الموجه للمستخدم و الأبتكار:
بعد عدة سنوات في الموجة الثالثة، اعتقد الكثيرون أن المختصون توصلوا اخيرا إلي مرحلة من الاستقرار .
وقد تم التعرف على قيمة ما تم التوصل اليه للمستخدمين والشركات ، وبمجرد ما ان بدأ احساس الاستقرار يتسرب حدث تحول اخر في السوق وخلق فرصة لمصممي تجربة المستخدم لتقديم مساهمة فريدة لكل من المستخدمين و الشركات و هو : ابتكار و تصميم المنتجات المتمحورة حول المستخدم .
و يمكن للمرء أن يري هذه الموجة الرابعة في العمل في الابتكارات التي لا هوادة فيها بما في ذلك ما يجري في الفيسبوك، وابل ، وسامسونج، وكل منتج جديد أو تدعيم يجري بسرعة ، فلم تعد التقنيات حصرا على الاسواق اليوم ولم يعد توجيه جميع الموارد نحو تطوير المنتجات القائمة.
فيجب أن نسترشد بالتركيز على الاحتياجات البشرية الحقيقية والغير المحققة بعد.
ولا يمكننا أن نتوقع من المستخدمين تحديد هذه الحاجة بشكل صريح، ولكن من خلال اتصالنا الوثيق معهم، لدينا فرصة لا يستهان بها لتحديد هذه الجوانب.
الأستنتاج:
و بصفحتنا ممارسين ومهتمين بالمجال، يجب علينا توسيع فهمنا للابتكار من وجهة نظر الأعمال التجارية و تجربة المستخدم من منظور الأعمال، وسوف يستمر التركيز الرئيسي للجهود على تحسين المنتجات الحالية مع ضمان الدفق المستمر من أفكار المنتجات الجديدة في نفس الوقت، وعلينا أن نسأل انفسنا باستمرار عما سيكون بعد ذلك في المستقبل لكي نضمن انه عندما نصل لموجة خامسة فإن تركيزنا الثابت على المستخدمين ومؤشرات الأعمال والتحولات في السوق سيستمر في إرشادنا.
ترجمة وإعداد: مصطفى عاطف وجميل جدعون